من مينا نارمر الفلسطيني القادم الذي سيوحد القطرين ؟؟!!

من مينا نارمر الفلسطيني القادم الذي سيوحد القطرين ؟؟!!
علمنا في حصص التاريخ أن "الملك مينا هو موحد القطرين".. تحولت هذه العبارة الشهيرة إلى كتلة واحدة صماء تتردد على ألسن المصريين و في وسائل الإعلام و على صفحات الكتب و الصحف.. فإذا ذُكر اسم مينا فانتظر بقية العبارة أن تتلى عليك .. و إذا تسلل إلى سمعك عبارة " موحد القطرين " فأنت على يقين أن الكلام عن الملك مينا .. فصارت الجملة - من كثرة التكرار - أشبه بالاسم الثلاثي أكثر منها عبارة تصف حدثاً تاريخياً معيناً في تاريخ مصر القديم
و مينا نارمر - لمن لا يعلم - هو أحد مؤسسي " الأسرة الأولى " في الحقبة الفرعونية من تاريخ مصر .. أما " القطرين" اللذين توحدا فهما شمال وادي النيل و جنوبه الذي يشمل بلاد النوبة .. أو "بحري" و "جبلي"- بالجيم المكسورة - كما تقول عامة المصريين .
الظاهر و الثابت إذن أن الملك مينا و قد كان ملكاً على القطر الجنوبي قرر أن يضم القطر الشمالي لملكه لتصبح مصر بشمال الوادي الزراعي الخصب و جنوبه الغنى بالذهب و المعادن دولة موحدة مركزية قوية.. و قد حدث ما توقعه وناضل من أجله .
ما لم يذكر في كتب التاريخ و ما لم يذكره المؤرخون و واضعو المناهج و المدرسون و لوحة مينا نارمر أن ذاك "العدو" الراكع أمام الملك مينا كان "مصرياً" بمعني أن العدو هو من الداخل لا من خارج الوطن، كما الحال في غزة والضفة شطري الوطن " فلسطين " والدولة الموعودة علي حدود الرابع من حزيران 1967.
لا يصور المشهد اشتباكا حربياً بين نظيرين متكافئين بل يصور قائداً ينتقم و يذل المهزوم المستسلم شر إذلال و يقتله شر قتلة ! و يأمر الملك مينا المنتصر النحاتين ليخلدوا هذا المشهد في لوحته المعروفة باسمه فيبقى على مر ألاف السنين شاهداً على الفخار و الإنتصار المبين
فحالنا اليوم في فلسطين كالقطرين الجنوبي والشمالي من وجهة نظر مينا نارمر ، انقسام جغرافي بين أجزاء الوطن الواحد ، بل انقسام اجتماعي في العائلة الواحدة ، وانقسام اقتصادي وتراشق إعلامي بين الحاكمين والسلاطين الذين يدعون أنهم يحملون أمانة الوطن والمواطن في أعناقهم ، وانه لا يهدي لهم بال من أجل توفير أقصي قسط من راحة المواطن ، فهم يسهرون الليالي الطوال من أجل تفقد الرعية ، وغير ذلك يتابعون أوضاع الوطن والمواطن عن كثب ، جولات عديدة من اللقاءات و الحوارات عقدت من اجل أن يصبحوا قادة عظام كمينا نارمر ويخلد أسمائهم في محافل التاريخ ، ولكنها باءت بالفشل ، لا ادري أين تكمن العقدة بالمنطق الفعلي من اجل إنهاء الانقسام وإتمام المصالحة .
الكل يغني علي ليلاه ، والكل يتغني بأنه الأجدر علي قيادة الوطن ، والكل يلحن علي انه هو الأحق بالحفاظ علي الثوابت الوطنية ولكنني اعتقد جازما بأنهم جميعا ولا استثني منهم أحدا لا هم لهم سوي مصالحهم الخاصة والحفاظ عليها بدلا من الثوابت الوطنية ، الجميع منهمك في تقاسم الكعكة بالشكل المرضي ، والمعقول من وجه نظرهم .
اتحدي أن يكون فيهم أحدا كعمر ابن الخطاب متفقدا الرعية ، وان تفقد فمن اجل الشهرة والإعلام لا من اجل الله .
فلست خجولا عندما أصارحهم بحقيقتهم أنهم لا ينتمون شريعة بنيت علي الألفة والتسامح والمودة والإعداد والعدة .
نسمع في وسائل الإعلام أن عباس قرر أن يزور سنغافورة "غزة " فنتفاجأ بالرد عليه من الزهار بأنه لا يضمن له الأمن والأمان بغزة ، ويجب عليه حل خلافات فتح الداخلية أولا ، هذا يعتبر حقا التهرب من المصلحة الوطنية والمصالحة ولم الشمل وتسامح القلوب وتهذيب النفوس .
فمتى سيتم إنهاء شقاء امة لازالت تائهة في دروب الحياة ، مستذلة للأهواء والعصبيات ، متى سيدل الشعب علي طريق الهداية والنور ويفتح المواطنون أعينهم لأشعة الشمس ويقلد قيادة الأمم ويحولها مجري التاريخ ، ويمحي بها مهانة الإنسان ويورثها الحكمة وطريق الرشاد .
و من مينا موحد فلسطين والفصائل ؟
سؤال : ما الفرق بين مينا الذي وحَد مصر وبين قيادة الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه في "محاولته" لتوحيد الوطن بضم غزة والضفة تحت جناح واحد ووحدة جغرافية متماسكة !؟
أو ليست غزة جزءاً أصيلاً من دولة فلسطين - أو الضفة الغربية كما يقال - وهذا ما يثبته التاريخ و الجغرافيا و التربية القومية أيضاً !؟
فلماذا كنا ياسر عرفات وكذلك عباس متواطأ مع الاحتلال و مجرماً في التنازل عن الثوابت الوطنية لأنه أراد أن يحاول جاهدا لقيام دولة فلسطينية علي حدود الرابع من حزيران 1976.. بينما نعتبر نحن في غزة قيادة حماس أبطال وشجعان و أشجع الشجعان لأنهم حرروا غزة من رجس أبناء جلدتهم ومن إخوانهم الأعداء والعكس صحيح !؟
لم أقرأ أن أي قائد فلسطيني - في محاولته لتوحيد شطري الوطن - أمسك ناصية الحكم وذبح المواطنين كما فعل مينا مع حاكم القطر الشمالي ! و لم أسمع أن عباس نكل بجثث الموتي كما نكلت جثث عدة أمثال المدهون .
فان نسينا ما حدث في العام 2006 من تعذيب وقتل وذهق للأرواح فلن ينسي التاريخ ، ويجب معاقبة جميع القادة الذين سمحوا لهذه الأحداث أن تحدث علي مرآي الجميع ، يجب معاقبتهم علي العلن ليكونوا عبرة لغيرهم وليعرفوا تماما ما هي حرمة الدم وكرامة الإنسان التي أقرتها الشرائع السماوية وأكرمتها .
هل نكون مفتئتين على الحقيقة إذن - بعد ما سبق - إن قلنا أن " قوة السلاح " كانت أحد مكونات نجاح ورسوخ الحكم في عهد الانقسام وما اسميه أنا الانقلاب !؟
و هل نكون مبالغين إن زعمنا أن الحضارة إنما بُنيت - من بين ما بنيت عليه - على " السيف " !؟
أيا كانت الإجابة على سؤال المبتدأ و أياً كانت دوافع الملك مينا و " شرعيتها " ـ أُذكر القارئ الكريم أننا نتحدث عن تاريخ موغل في القدم .. توغل يناهز الخمسة ألاف عام ! ـ فالثابت أن مصر لم تتوحد - يقيناً - بالـ"مفاوضات" أو بـ"الجولات الدبلوماسية" أو بحوارات " الموائد المستديرة " أو " البيضاوية " أو " المتوازية الأضلاع " !
نعم مصر لم تتوحد بـ" الاستفتاءات الشعبية " أو بـ" الشرعية الدولية " أو بـ" المعاهدات " .. توحدت مصر- يا سادة يا كرام - بالقوة المسلحة .. و كان الملك مينا موحد ومُنشأ مصر الفرعونية يؤمن - كالمتنبي - بأن " السيف أصدق أنباءاً من الكتب
فهل يجب انه لتوحيد غزة والضفة أن يأتي قائد كمينا نارمر يؤمن بمعتقداته وثوابته ليوحد غزة والضفة ، بعد فشل جولات الحوار في أفخم الفنادق بمصر علي مدار أربع سنوات ..